25 يوليو، 2024

المدارس الفلسطينية

الدوحة – قطر

كلمة الأستاذة نعمة زقوت

الأستاذة/ نعمة زقوت

كلمة مديرة المدرسة المشتركة

عندما تم تعييني بالمدرسة الفلسطينية شعرت أنني بدأت أخطو بثبات على أرض فلسطين، استكمالاً لدور والدتي التي كانت تعمل مديرة في إحدى مدارس مدينة رفح، لم أكن مديرة حينها، بل وكيلة للمدرسة، ولكنني كنت قائماً على جميع معطياتها التي كنت أكتسبها يومياً بالمدرسة إضافة إلى توجيهات أصحاب العلاقة بالمدرسة وخاصة الأخ الكبير / الدكتور يحيى الأغا المشرف العام الذي ساندي من خلال الكثير من التوجيهات التي أحسبها مدرسة تعليمية وهي كذلك.

تخرجت في الجامعة، وبدأت مسيرة حياتي العملية مباشرة، لم تكن لدي الخبرات الكافية لإدارة المدرسة، ولم يكن لدي ما أمتلكه من مقومات العمل المدرسي إلا العزيمة والإصرار على أن أثبت وجودي لأكون محل ثقة لدى أصحاب القرار.

ومع مرور الزمن بدأت أعايش العمل المدرسي بكل معطياته، وبدأت أتفاعل مع كل أبجديات العمل المدرسي الصفي وغير الصفي المساند للعملية التعليمية، وبدأت أرسم مع الطاقم الإداري والفني الكثير من مكوّن العمل اليومي، وأسجّل كل صغيرة وكبيرة في مسيرة المدرسة، أشارك، أتفاعل، أبدي رأياً، وأخط بالكلمة والقلم الكثير، حتى بدأت حياتي العملية تأخذ الطابع الذي رسمته لنفسي بثقة وثبات.

لست ممن ينظر للحياة بمنظار المستحيل، بل بمنظار الممكن، وهكذا تبدأ مسيرة الحياة والعطاء والنجاح، رسمت لنفس أن أكون مديرة مع مرور الوقت، وهذا ليس بالأمر الهيّن، واجهت الكثير من الصعاب، ولكني كنت أتجاوزها إما العزيمة، أو المشورة، أو المواجهة، المهم كنت دائماً أتفوق على ذاتي لتحقيق ذاتي، وفعلاً كان هذا جزءاً من مكوّن رؤيتي للنجاح.

وتوالت السنوات، وأصبحت مديرة لمدرسة البنين بعد أن أثبت وجودي، وبدأت معالم الشخصية تأخذ منى منحى مختلفاً من أجل رؤية أعمق، لهدف أسمى وهو الوطن، فبناء الإنسان ليس سهلاً، والتعامل مع الشباب في مرحلة سنيّة يكاد يكون صعباً، وتمرست في المدرسة بشكل أثّر على حياتي، بل واصبحت حياتي تنسجم مع عملي وفكري بالمرسة، لأنها أصبحت جزءاً من تفكيري لهدف أسمى وهو الوطن.

 واليوم بعد مرور هذه الأعوام بكل ما تحمل من معاناة وأمل، إلا أنها كانت رائعة لشعوري أنني قدّمت للوطن جزءاً مما يستحق، وواجب من أعلى موجبات الفضل له في غربة ولكنها ممزوجة برائحة الوطن منهاجاً، وطلاباً ومعلمين ومعلمات، فأصبحت هذه السنوات رغم ما فيها، من أجمل السنوات التي أتعايش معها.

هنا الوطن، هنا فلسطين، أصحو على النشيد الوطني الفلسطيني، وأمسي على تعليم أبنائي تاريخ فلسطين، وأطبّق هذا خلال تفقدي لعملي مع المعلمين والمعلمات، فسكن الوطن فيّ، واصبحت رهينة له، هكذا يجب أن أكون، أو يكون كل فلسطين يعيش في الغربة أو حتى في الوطن.

وتبقى المدرسة الفلسطينية التي احتضنتي منذ بداية تخرجي، وحتى الآن نقطة تحوّل في مسيرة حياتي، فلم أكن أفكر أنني سأكون جزءاً من الوطن، ولكنه القدر الذي ساقني لمدرسة أعتز بالانتساب إليها، والعمل فيها، ومشاركة الجميع في بناء الطالب لمستقبل أفضل سواء كان فلسطينياً أم من جنسية أخرى.

ربما بناء منزل أسهل من بناء إنسان، ولكن بالعزيمة والإصرار والتعاون من مثلث التعليم التربوي يمكن أن يبني جيلاً قادراً على تحدي الصعاب، ومواجه الكثير من المعضلات، وتقديم الحلول لها بكل سهولة، وهذا ما نصنعه في أبنائنا من خلال شحذ الهمم، وتعلمهم أسلوب التخيّل في الحياة من أجل الوصول إلى الإبداع الذي هو الهدف لنا في المدرسة.

لست وحيدة في العمل، فهناك طاقم إداري يستحق التقدير، وتعليمي كذلك، لأن التعاون هو أسلوب الأقوياء، وبه يتم خلق بنية تحتية تعليمية من الطلاب تنسجم مع الواقع والحياة، وتحقق الكثير من الإنجازات.

المدرسة الفلسطينية بدولة قطر أصبحت جزءاً من حياتي، فالشكر لكل الذين أسهموا في بناء تكويني الذي أصبح له نمطاً خاصاً.